قد أسري الله تعالى برسوله محمد صلى الله عليه وسلم ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.

ثم عُرِجَ به إلى السماوات العُلا ثم إلى سدرة المنتهى وأراه الله من آياته الكبرى، وكان ذلك له صلى الله عليه وسلم بالروح والجسد معًا، في اليقظة لا في المنام. وقد تحدث القرآن عن الإسراء في أول سورة الإسراء ، وتحدث عن المعراج في أول سورة النجم .وقد جائت الأحاديث النبوية الصحيحة تبين ذلك .

وهناك دروس وعبر نستفيد منها من رحلة الإسراء والمعراج

بعد المحن والابتلاءات تأتي المنح والعطايا  من الله تعالى بإذنه :، وقد تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحن عظيمة، فقد جائت هذه المنحة من الله تعالي بعد أن سدت  قريش الطريق في وجه الدعوة في مكة، وفي ثقيف وفي قبائل العرب، وأحكمت الحصار ضد الدعوة ورجالاتها من كل جانب، وأصبح النبي صلى الله عليه وسلم في خطر بعد وفاة عمه أبي طالب أكبر حُماته،وايضاوفاة زوجته الحنون خديجة التي كانت تخفف عنه الامه وأحزانه ورسول لله صلى الله عليه وسلم ماضٍ في طريقه، صابر لأمر ربه ولاتأخذه في الله لومة لائم ولا حرب محارب ، ولا كيد مستهزئ فقد آن الأوان للمنحةالعظيمة، فجاءت حادثة الإسراء والمعراج قدر من رب العالمين، فيعرج به من دون الخلائق جميعًا، ويكرمه على صبره وجهاده،ويثبته علي ما يلاقيه من ابتلاءات وصدود من اعداء الاسلام ويلتقي به مباشرة دون رسول ولا حجاب،ويطلعه على عوالم الغيب دون الخلق كافة ويجمعه مع إخوانه من الرسل في صعيدٍ واحد,فيكون الإمام والقدوة لهم وهو خاتمهم وآخرهم

  إن شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم العالية تتجسد في مواجهته للمشركين بأمر تنكره عقولهم ولا تدركه في أول الأمر تصوراتهم ولم يمنعه من الجهر به الخوف من مواجهتهم وتلقي نكيرهم واستهزائهم فضرب بذلك صلى الله عليه وسلم لأمته أروع الأمثلة في الجهر بالحق أمام أهل الباطل وإن تحزبوا ضد الحق وجندوا لحربه كل ما في وسعهم، وكان من حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في إقامة الحجة على المشركين بأن حدثهم عن إسرائه إلى بيت المقدس، وأظهر الله له علامات تلزم الكفار بالتصديق فمن هذه العلامات: وصف النبي صلى الله عليه وسلم بيت المقدس واخباره عن العير التي بالأبواء (مكان) ووصفه الجمل الذي يقدمها، وإخباره بأنها تطلع ذلك الوقت من ثنية التنعيم وقد تأكدالمشركون من ذلك فوجدوا أن ما أخبرهم به الرسول صلى الله عليه وسلم كان صحيحًا فهذه الأدلة الظاهرة كانت مفحمة لهم ولا يستطيعون معها أن يتهموه بالكذب .ومع ذلك كذبوا

ظهرت قوة إيمان الصديق رضي الله عنه في هذا الحدث الجلل، فعندما أخبره الكفار قال بلسان الواثق، لئن كان قال ذلك لقد صدق، ثم قال: إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك أصدقه بخبرالسماء في غدوة أو روحة، وبهذا استحق لق بالصديق، وهذا منتهى الفقه واليقين، حيث وازن بين هذا الخبر ونزول الوحي من السماء،فبين لهم أنه إذا كان غريبا على الإنسان العادي فإنه في غاية الإمكان بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم.

إن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء دليل على أنهم سلموا له بالقيادة والريادة،وأن شريعة الإسلام نسخت الشرائع السابقة،وأنه لا يسع أتباع هؤلاء الأنبياء الا ما وسع أنبياءَهم أن يسلموا بالقيادة والاتباع لهذا الرسول ولرسالته التي جاء بها .

إن الربط بين المسجدالأقصى والمسجد الحرام وراءه حكم ودلالات وفوائد منها:*أهميةالمسجد الأقصى بالنسبة للمسلمين، إذ أصبح مسرى رسولهم صلى الله عليه وسلم،ومعراجه إلى السماوات العلا، وكان لايزال قبلتهم الأولى طيلة الفترة المكية،وهذا توجيه وإرشاد للمسلمين بأن يحبوا المسجد الأقصى وما حوله لأنها ارض مباركة ومقدسة.

فيها ربطاً لقضية المسجد الأقصى بقضية العالم الإسلامي؛ فمكة المكرمة هي مركز للمجتمع الإسلامي ونقطة تجمع للمسلمين ووحدتهم؛ فالدفاع عن بيت المقدس هو دفاع عن الإسلام ذاته، وهو واجب على كُلّ مسلم

اهمية الصلاة وعظيم منزلتها: وقد اثبتت السنة ان الصلاة فرضت يوم عروجه صلى الله عليه وسلم إلى

السماوات، فكأنّها رسالة من الله -تعالى- لعباده بأنّه إذا كان الإسراء والمعراج الذي حدث لرسول الله بجسده وروحه مُعجزة، فإنّ العباد تعرج أرواحهم وقلوبهم إلى الله -تعالى- خمس مرات في اليوم والليلة، تائبين إليه يرجون منه الرحمة والمغفرة.

وقال في هذا ابن كثير (اعتناء عظيم بشرف الصلاة وعظمتها)