د. أسامة الديري {خطبة الجمعة 2021/12/3}
قال تعالى: ﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ ﴾ ومن هذا تفضيل الله عز وجل بعض الأيام على بعض فخير أيام الأسبوع يوم الجمعة فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى اللهم عليه وسلم قال خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة ” رواه مسلم.
وأنتم -أيها المسلمون- قد اختصكم عز وجل بخصائص كثيرة، وفضائل جليلة، فقد خصكم بيوم الجمعة كما بينت السنة المطهرة.
ومن أحكام يوم الجمعة:
الاغتسال والسواك والطيب فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وسواك، ويمس من الطيب ما قدر عليه”ونحن نعلم أن معظمنا يأتي من عمله فلا باس ان يغتسل ليلة الجمعة.
ومن أحكامه: التبكير الى المسجد ان استطاع .ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاءوا يستمعون الذكر، ومثل المهجّر – أي المبكّر – كمثل الذي يهدي البدنة، ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كالذي يهدي الكبش، ثم كالذي يهدي الدجاجة، ثم كالذي يهدي البيضة”. وينبغي لمن أتى مبكرًا أن يشتغل بالصلاة والذكر وقراءة القرآن.
وهو يوم تكفير السيئات فعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من اغتسل يوم الجمعة وتطهر بما استطاع من طهر ثم ادهن أو مس من طيب ثم راح فلم يفرق بين اثنين فصلى ما كُتب له ثم إذا خرج الإمام أنصت غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى) رواه البخاري.
ومن الأحكام: وجوب الإنصات للخطبة والاهتمام بما يقال فيها، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصِتْ والإمام يخطب فقد لغوت”. ونحن نرى بعض الاخوة يتناولون الأحاديث الجانبية او اللعب في التليفون أثناء الخطبة وكل ذلك من أشكال اللغو.
ومن الأحكام: كثرة الصلاة والسلام على رسول الله في هذا اليوم له مزية على غيره: فعن أوس بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ)). رواه أهل السنن.
ويستحب أيضا في هذا اليوم قراءة سورة الكهف: لحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين).
ولا يشترط قراءتها في المسجد بل المبادرة إلى قراءتها ولو كان بالبيت.
ومما يجتنب يوم الجمعة تخطي رقاب الجالسين والتفرقة بينهم لقوله صلى الله عليه وسلم للذي رآه يتخطى رقاب الناس: ((اجلس فقد آذيت وآنيت)). ومعنى آنيت أي تأخرت.
ويستحب لمن دخل المسجد والإمام يخطب أن يصلي ركعتين خفيفتين قبل أن يجلس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: “إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما”.
والمشروع للمؤمن إذا صلى الجمعة أن يصلي بعدها أربع ركعات نافلة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا بعدها أربعاً)، وكان يصلي في بيته ركعتين عليه الصلاة والسلام، فالسنة أن يصلى بعد الجمعة أربع، وإن صلى ركعتين فلا بأس.
عباد الله إن ترك الجمعة ممن تجب عليه من غير عذر كبيرة من كبائر الذنوب، كما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، وابن عمر رضي الله عنهما، أنهما سمعا النبي عليه الصلاة والسلام يقول على أعواد منبره: “لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين”.
عباد الله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال: “فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه، وأشار بيده يقللها”.
وهذه الساعة هي آخر ساعة بعد العصر، فقد روى أبو داود والنسائي عن جابر رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: “يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة، لا يوجد فيها عبد مسلم يسأل الله شيئاً إلا آتاه إياه، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر”.
فينبغي للمسلم ألا يفرّط في هذا الوقت ويرفع حاجاته لله فكم للمسلم من حاجات وحاجات، ارفع يديك واسأل ربك ولو كثرت الذنوب فالله حيي كريم. فقد جاء في الحديث (… إنَّ ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أنَّ يردهما صفراً خائبتين)). رواه أحمد وأهل السنن وهو حديث صحيح.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، اللهم ارفع الوباء والبلاء عن هذا البلد وسائر البلدان يا رب العالمين.